السبت، أغسطس 27، 2011

لبنان .. الانقلاب الثاني

 



                                                                                      بقلم :عبدالرحمن ابو منصور ..
                                  باحث في قضايا الفكر







سقوط حكومة سعد الحريري لم يبدأ في لبنان بل بدات خيوطه عندما نسج المطبخ السياسي الايراني ضرورة بقاء نوري المالكي رئيسا لوزراء العراق رغم انه لم يفوز في الانتخابات العراقية


وهكذا حرم اياد علاوي صاحب الكتلة النيابية الفائزة باكبر عدد من المقاعد من تسلم رئاسة الوزراء . ومن هناك جرى نقل الفكرة الى لبنان ولم يكن من عائق لتطبيق الفكرة واسقاط حكومة الحريري سوى اقناع من لديه عدة مقاعد في البرلمان اللبناني ليحول بوصلته من الحريري الى حزب الله وهذا ما قام به وليد جنبلاط .


لقد تعثر ميلاد حكومة نجيب ميقات من بدايتها فأحجم مفتي لبنان رشيد قباني عن دعم تكليف ميقاتي لرئاسة الحكومة وفي اللقاء الشهير بين ميقاتي ومفتين المناطق اللبنانية تسائل المفتين في كيف لحزب الله الذي اجتاح بيروت ان يسقط حكومة منتخبة ويتجاوز الجهة الفائزة باكبر مقاعد وبنفس طريقة نوري المالكي .


ومن ذلك الموقف الصلب للمفتين بدء حزب الله وحلفائه العمل لاستمالة دار الفتوى وقد نشر موقع الشام اليوم انباء عن تفاهم غير معلن بين قيادات عليا في الدولة اللبنانية مع مفتي لبنان تلتزم تلك الجهات بتعديل تقاعد المفتي ليصبح مفتيا مدى الحياة بدلا من التقاعد عند سن 72 ثم جرت بعد ذلك تطورات متلاحقة تنبئ بانقلاب المفتي على الحريري وإلتحاقه بحزب الله وحلفائه.


 ففي حين كان سفراء سوريا يبعدون من العواصم العالمية وتنهال الادانات الدولية ضد دمشق لبطشها بالمتظاهرين المدنيين في ذلك الوقت استقبل المفتي سفير سوريا في بيروت ومن سوء التقدير تزامن زيارة السفير مع اقتحام الدبابات السورية لمدينة حماة وارتكاب الجيش السوري لمجازر ضد المدنيين فيها .بعد ذلك ظهر الدب الايراني صاحب الطبخة فقام سفير ايران بزيارة المفتي وبعدها بأيام زار وفد من حزب الله المفتي رغم ان صواريخ حزب الله طالت منزل المفتي نفسه عند اجتياح الحزب لبيروت .

اخيرا .. تذكر المفتي ان في جنوب لبنان سنة فعزم على زيارتهم وكان لافتا التاكيد ان الجيش اللبناني هو من سيقوم بتامين زيارة سماحته في اشارة الى  ان المفتي لن يكون تحت حراسة قوات حزب الله التي تطبق على الجنوب .


كيف وصل السنة الى هذا الوضع ؟

بلغ السنة هذا الوضع بسبب اخطاء قاتلة ارتكبها تيار المستقبل نفسه وهو الان يدفع ثمنها ومن تلك الاخطاء ..

1-ان لكل طيف من اطياف شعب لبنان مشروعه الذاتي ثم ينطلق منه الى المشروع الوطني فحزب الله مثلا يؤصل الفكر الشيعي ليصل به الى بسط سيطرته على لبنان بينما تيار المستقبل يرفض ان يكون له  مشروعه الاسلامي  ولا يمنع ذلك ان يكون لتيار المستقبل بعد ذلك مشروعه الوطني الذي يجمع فسيفساء لبنان

2-حرص تيار المستقبل على ابعاد الشخصيات الاسلامية الفاعلة عن لعب اي دور رئيسي في لبنان فقد شطب كثير من خريجي الجامعات السعودية من قوائم الهيئات الناخبة وعرقل وصولهم الى الوظائف الشرعية كل ذلك بذريعة خوف التيار من وصول علماء اصوليون

3- اوجد تيار المستقبل نظام غاية في الغرابة ولم يسبقه به احد في العالم حيث جعل رئساء البلديات والمجالس البلدية تلقائيا اعضاء في الهيئات الناخبة وهي هيئات تتولى انتخاب المفتين والمجلس الشرعي الاعلى

4- لابد من الاشارة الى ما نشرته الصحف اللبنانية العام الماضي عن تجاوزات مالية ضخمة في دار الفتوى وقد استمات الحريري في التصدي لها معللا موقفه بانه دفاع عن موقع دار الفتوى

 

5- كل ما سبق اضعف السنة وجعل دار الفتوى في متناول الساسه ولم يكن يدور بخلد الحريري الاب والابن ان ينقلب السحر على الساحر فقد تمكن اعداء الحريري من اختراق مؤسسات السنة فيما هو يتجرع ذلك من منفاه في باريس

الخاتمة ..

 ان اوضاع السنة في لبنان منهارة ولابد ان يقوم قادتهم وعلى راسهم الحريري باصلاح شامل لموسسات السنة في دار الفتوى والقضاء والتعليم وتطوير الاوقاف وان يعلم الحريري ان الهجمة الايرانية ماضية بعقيدة صريحة ولن يصدها الا عقيدة صافية مبنية على الدين اما تيار المستقبل كتيار واسع و فضفاض ودون رديف اسلامي فمحكوم عليه بالتراجع والتقهر والشواهد امامنا ناطقة .

فهل يعي مسلمو لبنان ذلك؟

ليست هناك تعليقات: